ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

التوازن قاعدة كُبرى تقوم عليها حياة المسلم

14:51 - April 04, 2024
رمز الخبر: 3495171
بيروت ـ إکنا: إن التوازن منهج إسلامي عام وقاعدة كُبرى تقوم عليها حياة المسلم في جميع أنحائها، من غير إفراط ولا تفريط، ولذلك قال الله تعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴿31/ الأعراف﴾. 

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "قِلَّةُ الْغَذاءِ أَكْرَمُ لِلنَّفْسِ وَأَدْوَمُ لِلصِّحَّةِ".
 
سُئِلَ حكيم: بِمَ تدرك الحكمة؟ فقال: بِقِلَّة الأكل. وسُئِلَ زاهد: بِمَ يُنالُ الزُّهد؟ فقال: بِقِلَّةِ الأكل. وسُئِلَ عالِمٌ: بِمَ يُدرَكُ العلم؟ فقال: بِقِلَّة الأكل. وسُئِلَ طبيب ماهر: بِمَ تُنالُ الصِّحَّة؟ فقال: بِقِلَّة الأكل. وقال لُقمانُ الحكيم لابنه: "يَا بُنَيَّ! إِذَا امْتَلأَتِ المَعِدَةُ نَامَتِ الفِكْرَةُ، وَخَرِسَتِ الحِكْمَةُ، وَقَعَدَتِ الأَعْضَاءُ عَنْ العِبَادَةِ".


وقال نبي الله عيسى بن مريم (ع): "أَجِيْعوا أَكْبَادَكُمْ، وَأَعْرُوا أَجْسَادَكُمْ، لَعَلَّ قُلُوبَكَمْ تَرَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ". وقال رسول الله (ص): "اشْرَبوا وَكُلوا في أَنْصافِ البُطُونِ، فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ".

وقال (ص): "قِلَّةٌ الطَّعامِ هِيَ العِبادَةُ" وقال (ص): "مَنْ قَلَّ طُعْمُهُ صَحَّ بَدَنُهُ، وَصَفا قَلْبُهُ، وَمَنْ كَثُرَ طُعْمُهُ سَقِمَ بَطْنُهُ، وَقَسا قلبه". وقال الإمام أمير المؤمنين (ع): "مَنْ قَلَّ طَعَامُهُ قَلَّ آلامُهُ". وقال (ع): "مَنْ اقْتَصَدَ في أَكْلِهِ كَثُرَتْ صِحَّتُهُ، وَصَلَحَتْ فِكْرَتُهُ"
 
هذه روايات شريفة وحكم جليلة كلها تتحدث عن أهمية التقليل من الأكل لسلامة بدن الإنسان وعقله وفكره، وهذا ما أثبته المتخصصون في الطِّب، حيث وجدوا أن السمنة الناجمة عن الإفراط في تناول الطعام من أخطر أمراض العصر، إذ ينشأ عنها العديد من الأمراض التي تهدد حياة الإنسان وتعرِّضه للهلاك، مثل أمراض السُّكري، وارتفاع ضغط الدم، وتصلُّب الشرايين، والنقرس، والشعور الدائم بالكسل والخمول، والمَيل إلى النوم، وإصابة الأمعاء بالتعفُّن، والقلب بالإرهاق، وخلصوا إلى أن الإسراف بالتهام كمية كبيرة من الطعام ضار بالجهاز الهضمي، ويسبب التخمة، وعسر الهضم، ويوسع المَعِدة، ويعرِّض الإنسان للإصابة بالجراثيم، والمعدة الممتلئة بالطعام أكثر عرضة للتمزق. وأن كثرة الأكل تؤدي إلى بلادة في التفكير، وبالجملة فإن الإفراط في الأكل يتسبب بالتُّخمة وهي المسؤولة عن الكثير من الأمراض.
 
إن دعوة الإسلام إلى الإقلال من الطعام لا تعني أن يأكل المرء أقل من حاجته، فإن رعاية الأبدان وسلامتها مقصد من مقاصد الدين، ولذلك جعل للبدن حقوقاً على صاحبه، ومن تلك الحقوق تغذيته بالقدر الذي يحتاج إليه، والمحافظة على سلامته، وقوته، ولذلك جاء في حديث رسول الله (ص): "إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيكَ حَق، وإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيكَ حَق، ولأهلِكَ عَليكَ حَقاً" وبهذا نعرف أن الدعوة إلى الإقلال من الطعام تعني التوازن فيه فنعطي البدَنَ حاجته منه لا دون زيادة ودون نقصان.

والتوازن منهج إسلامي عام وقاعدة كُبرى تقوم عليها حياة المسلم في جميع أنحائها، من غير إفراط ولا تفريط، ولذلك قال الله تعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴿31/ الأعراف﴾. 

وقد وضع رسول الله (ص) وضع منهجاً متوازناً للتعامل مع الأكل لو اتبعه الناس لتخّفَّفوا من كثير من الأمراض والأعراض، واستغنوا عن الدواء والأطباء في معظم الأحيان، قال (ص): "لَيْسَ لابْنِ آدَمَ بُدٌ مِنْ أَكْلَةٍ يُقِيْمُ بِهَا صُلْبَهُ، فَإِذا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً، فَلْيَجْعَلْ ثُلُثَ بَطْنِهِ لِلْطَّعامِ، وَثُلُثَ بَطْنِهِ لِلشَّرابِ، وَثُلُثَهُ لِلْنَّفَسِ". 
 
إن تناول كميات أقل من الطعام من شأنه أن يفعل أكثر بكثير من مجرد تحسين صحة الإنسان، فقد وجد الباحثون أن تقييد السعرات الحرارية يطيل من حياة الحيوان وقد يفعل المزيد للبشر أيضاً، وأن تناول كميات أقل من الطعام يؤدي إلى طول العمر، إلى جانب تحسين جودة الطاقة والوظيفة الإدراكية وتأخير الشيخوخة، وإدامة الحياة، وأن اتباع نظام الأكل القليل يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم ومستويات الكوليسترول، وزيادة الطاقة، والوضوح في التفكير وسلامته ويصبح البدن أكثر كفاءة.
 
وأما قول الإمام أمير المؤمنين (ع): "قِلَّةُ الْغَذاءِ أَكْرَمُ لِلنَّفْسِ وَأَدْوَمُ لِلصِّحَّةِ" فهو يشير إلى آثر آخر من آثار الإقلال من الأكل لا يقل أهمية عن الأثر الصحي، وهو الإكرام للنفس، فمن المعلوم أن الشراهة نفسها مذمومة، والشَّرِه من الناس معابٌ فيهم، ومعلوم أيضا أن الشراهة تؤدي إلى السُّمنة، والزيادة المُفرطة في الوزن مما يؤدي إلى عدم الرضا عن النفس والدخول في حالات متكررة من الاكتئاب، ويفضل المصاب بالشراهة العزلة، والأكل وحده بعيداً عن الناس. 

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha